إن الحمد لله ... والصلاة والسلام علي النبي محمد المصلي عليه بأمر مولاه ... وبعد فإن كلمة أفكار مشتقة من كلمة فكر ويقال فكرة وتفكير ، والتفكير عبادة شرعها الله سبحانه وتعالي وهي من أسمي العبادات قال تعالي في سورة آل عمران ( إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب * الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلي جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار ) . وقد وصف الله تعالي أصحاب الفكر السليم بأنهم أصحاب عقول نيرة فهم أولي الألباب لأن الأفكار ستصبح أقوال والأقوال ستصبح أفعال ، والأفكار إذا خرجت من عقل مستنير صحت أقواله وبالتالي صلحت أعماله . لذلك فإن علي الإنسان أن يراجع فكره دائما لأن فكرة واحدة قد تؤدي إلي الهلاك مثل ما حدث من إبليس حين رفض أمر ربه بعد ما سيطرت عليه فكرة أنه كبير قال تعالي في سورة البقرة ( وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبي واستكبر وكان من الكافرين ) . وقد تؤدي فكرة إلي أن تخرج صاحبها من النعيم مثلما حدث مع آدم عليه السلام قال تعالي في سورة البقرة ( و قلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين * فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه ، وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ، ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلي حين * ) والفكر المعوج مآله إلي الضلال والخسران كما قال بذلك إبراهيم عليه السلام قال تعالي في سورة الأنعام ( فلما جن عليه الليل رأي كوكبا ، قال هذا ربي ، فلما أفل قال لا أحب الآفلين * فلما رأى القمر بازغا قال هذا ربي ، فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين ) لكن فكر إبراهيم السليم دله علي مولاه ( إني وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا ، وما أنا من المشركين ) . والمشاريع الكبيرة ودعاوي الإصلاح ما هي إلا فكرة ودعاوي الهدم والتضليل ما هي إلا فكرة ، ونحن مطالبون بأن نفكر من أجل أن نوفر مستقبلا أفضل لأجيالنا والأجيال القادمة ومطالبون بأن نقف مع كل فكرة تسير بنا خطوة لبناء أمتنا ، ونتصدى لكل فكرة يمكن أن تعوق تقدم أمتنا . عليك أخي الكريم أن تراقب أفكارك لأنها ستصبح أقوالك وراقب أقوالك لأنها ستصبح أفعالك وراقب أفعالك لأنها إما أن ترفعك وإما أن ترديك وإما أن تضعك في سلة التاريخ أو تضعك في سلة المهملات .