مرت أيام وشهور المطر لا يغشى هذه الضفاف والغابة تحصي عصافيرها في الظل خوفا من صاعق الجفاف
يكتب الغريب اسمه على جذع شجرة سامقة وقبل أن يأتي المطر ليمحو المداد من جذوره
لا يأبه به أحد وحدها الغابة تحفظه في ذاكرته السرمدية
يستجدي ذاكرته المدربة على الحفظ ذاكرته المثقلة بالأماكن والوجوه الأسير المغدور يمتحن ذاكرته ليلوذ بها من فظاعة المشهد لكنّه يسقط المرة تلو الأخرى في بركة الدم التي يرفس بها طائر جريح
أخذ يتجول و أطلق العنان لقلبه فتاه الجرح الذي يدميه في مدينة تلتف بسماء لتخفي أسرارها في مدينة يغص بها الزمان والمكان وتتزاحم بين الحنايا في مدينة بابها الأمل وشاطؤها الورد
فتساءل الجرح التائه _ فتساءلت الغربة_ عن اسم هذه المدينة!
فأجابت
ابحث عن اسمي في جدران المشاعر في عيون الأنام وبين أروقة الانتظار
أنا قلب يقف على الجمر وبوسط الألم يستكين
أنا الحنين
الحنين للماضي الذي ذهب الحنين للغالي الذي رحل الحنين لصديق رسم البسمة ولكنه ترك الحلم الجميل الحنين للوطن الحنين لكل شيء جميل يرسم البسمة على القلب
فلست إلا وردة تتفتح رغم الآلام
لكن! أنتِ أيتها الغربة أنت كما الحربة ما بين أضلع المغترب تتشمتين به كيف قضى نحبه؟ وقد ملأته الحسرات لكِ دوي يعصف بالحنايا _ يشبه المنايا_ في كفن الفراق كم تقسين أيتها الغربة وتكبر معك حسرة المغترب
لكن مهما اشتدت قسوتك
فسأكون الحنين
سأكون قلب يقف على الجمر وبوسط الألم يستكين سأكون كما أكون ولكن اتركي لي الباب مفتوحا وارحلي وإن عدتِ سأكون رحلت عنك وعن كل قسمات الظلام وبعض ونات الأنين سأكون هنا ولست هنا سأصعد إلى السماء لتعلن معنى الحنين سأكون في وسط السحاب وستكون هي بطن أمي وسأعود جنين سأطلب من كبد الغيم ماء ومن القمر ضياء
فيا أيها المغترب! ازرع الورد
وحاول أن تستنشق عطره دع قلبك يحلق عاليا و دع خندق الوجع القديم تطمره الأيام السعيدة القادمة اترك شفتيك تغني لحن الحياة اهرب من وحدتك وافتح أبوابك للأمل
فالسفينة قد اقترب مرساها فازرع شاطئك بالورد لترسوا فيه