الادارة العامة
عدد المساهمات : 329 تاريخ التسجيل : 06/08/2011
| موضوع: يوميات علاء الدين ( 5 ) المعلم الشهيد الإثنين أغسطس 08, 2011 4:48 pm | |
| [size=18] يوميات علاء الدين
( 5 ) المعلم الشهيد الأستاذ : محمود عيسي جاد
المعلم مهنة شاقة وهي ليست وظيفة مثل كل وظيفة فكل الموظفين ينتهي عملهم فور خروجهم من مقر عملهم .. لكن المعلم يبدأ عمله لليوم الثاني من بداية خروجه من مقر عمله فعليه أن يقرأ ويطلع ويحضر دروسه .. والعمل داخل الفصول في حاجة إلي مجهود ضخم جسماني وعقلي .. ويحتاج إلي صبر المعلم علي المتعلم . ونموذج اليوم خير مثال علي المعلم الحق في علمه وخلقه وضميره وحرصه علي مصلحة طلابه وصبره عليهم .. نعم هو ذلك المعلم الراحل محمود عيسي جاد . مولده ونشأته ولد يرحمه الله في 13 / 2 / 1955م في قرية أويش الحجر ( قلعة القرآن ) في منزل والده الذي يقع خلف مدرسة الشيخ عبد الله البلتاجي لتحفيظ القرآن الكريم ويتبع حي الشقرية . وترتيبه الأخير علي أخوته .. له من الأخوة الذكور خمسة هو سادسهم وهم الحاج عثمان عيسي وشهرته هلال يرحمه الله – وعيسي عيسي الذي استشهد في حرب اليمن عام 1962م – والحاج زكريا عيسي – والدكتور علي عيسي – والمهندس مصطفي عيسي – وله من البنات اثنتان وكان يرحمه الله بارا بهم جميعا .. وهو خال كل من الأستاذ / مصطفي عبد الغفار البلتاجي وعبد الغفار البلتاجي وإخوانهم وخال الأستاذ رضا حمدي البلتاجي وأخوته وعم الأستاذ هشام مصطفي عيسي وأخوته وعم عيسي زكريا جاد وإخوته وعم الدكتورة رانيا علي عيسي وإخوتها ووالد الأستاذ أحمد محمود عيسي والمهندس محمد محمود عيسي ووالد حرم الأستاذ علي الشحات النوساني تعلم الراحل الكريم في كتاب القرية وحفظ ما شاء الله له من القرآن وتعلم مبادئ القراءة والكتابة والحساب ثم التحق بالمدرسة الابتدائية القديمة ثم التحق بمدرسة ابن لقمان الإعدادية بمدينة المنصورة وبعد أن أكمل التعليم الإعدادي التحق بمدرسة المنصورة الثانوية العسكرية القسم العلمي وبعد حصوله علي الثانوية العامة التحق بكلية التربية جامعة المنصورة قسم طبيعة وكيمياء وتخرج منها معلما عام 1979م تم تجنيد الراحل العظيم بالجيش في نفس عام تخرجه وهو نفس العام الذي تخرجت أنا فيه ( 1979م ) من نفس الكلية وتسلمت عملي مدرسا بمدرسة أويش الحجر الإعدادية لمدة عام ثم أنهي يرحمه الله فترة التجنيد لألتحق أنا بالجيش ويتسلم هو عمله بمدرسة الريدانية الإعدادية ثم أنهيت فترة تجنيدي وعدت إلي عملي بمدرسة أويش الحجر الإعدادية ونقل الراحل الكريم إلي نفس المدرسة ( أويش الحجر الإعدادية ) لنلتقي ونشكل ثنائي كان أروع ما رأيت يشهد بذلك طلابنا من أبناء هذه القرية المباركة وكنا ننام ونقوم نفكر فيما نفعل لأبنائنا الطلاب .. ثم أشار علي أن نقبل الترقية إلي مدرس أول إعدادي وانتقلنا معا إلي إدارة شربين فتسلمت عملي في مدرسة شربين الإعدادية بنين وتسلم هو عمله في مدرسة كفر الترعة الجديد قرب رأس الخليج وافترقنا سويعات لكننا كنا نسافر معا ونعود معا في قطار واحد وكان يحجز لي مقعدا بجواره من رأس الخليج حتى شربين مع اثنين من المدراء ثم ينظر من الشباك ليشير إلي فأعرف مكانه بعيدا عن الزحام أرأيت إخلاصا كهذا .. وكنت أذهب يوما للإشراف علي مدرسة ديسط فأصر أن أنقل هذا اليوم إلي كفر الترعة لأكون معه في هذا اليوم ونفذت رغبته .. حب صافي وقلب لم أر مثله لذلك كنت أعشق هذا الرجل .. ثم انتقل إلي مدرسة أويش الحجر وانتقلت أنا إلي مدرسة شجرة الدر الإعدادية بنات بالمنصورة .. ثم انتقلنا إلي التعليم الثانوي واستقر به المقام في الفنية الصناعية بالمنصورة .. ثم سافر إلي ليبيا في الفترة من عام 1993م – 1999م ثم عاد إلي المدرسة الزخرفية بالمنصورة – ثم رقي إلي مدرس أول ثانوي ليوزع في أربعة مدارس هي البدالة وبدواي والبرامون وبرق العز يوم أو يومين في كل مدرسة وهذ التوزيع لا يقبله إلا رجل شديد الصبر مثل الأستاذ محمود عيسي .. ثم نقل إلي مدرسة شها الثانوية ومنها إلي الثانوية العسكرية ويومين في مدرسة أويش الحجر الصناعية لألتقي به ثانية في مدرسة أويش الحجر الثانوية بقريتنا التي كنا نعشقها .. وظل بالمدرستين إلي أن لقي ربه . رفقة صالحة ولقد رافقته طالبا ومعلما وصديقا فأتيحت لي فرصة التعرف عليه علي كسب فكان نعم الأخ ونعم الزميل ونعم الصديق .. كان يرحمه الله تقيا ورعا لا يشاهد منظرا خليعا في التلفاز إلا غير القناة ولا يقرب الحرام ولا تقع عينه عليه .. وكان في خدمة من معه سواء في ذلك أهله أو صديقه أو من يجالسه .. لماح فإذا أحس أن من أمامه جائعا قام فأعد له طعاما ثم يقدمه .. كان يجلس في آخر المجلس وكان آخر من يختار فينا .. كان خير معين علي العبادة .. ودائما ما يدلك علي الخير وعلي الخير فقط .. فإذا ما حدثتك نفسك علي أن تغضب أو تنتقم هدأ من روعك حتى يسكتك وكان هادئ الطبع يكره المشاكل ويبتعد عنها آلاف الأميال .. كان حريصا علي نفعك ناصحا أمينا .. كان يرحمه الله كله خير . أعماله الخيرية كان يرحمه الله فعالا للخير .. أول ما بدأنا كنا معا مع رفقاء لنا نسهر لنفكر في عمل للخير وكان يرحمه الله في طليعة المشجعين وآخر الناس ظهورا .. بل كان يسعد حين لا يعرف أحدا عنه أنه هو الذي فعل هذا الخير ومن أهم الأعمال التي شارك فيها الدروس المجانية بالمسجد ومشروع التقوية الصيفي وكنس المساجد وملئها بالماء وتنظيم المسابقات والندوات الدينية بالمساجد وصلاة العيد في الخلاء لأول مرة وتأسيس أول لجنة للزكاة في وسط البلد بل في القرية كلها وتنظيم الرحلات والدورات الرياضية وكثير من الأنشطة داخل المدرسة وخارجها وتأسيس جريدة الضياء وكان عليه ملاحظات أمنية في النظام السابق رغم أنه كان لا ينتمي إلي أي جماعة إلا أنه ملتزم فقط فكان يفسر ذلك من المرشدين الأشرار علي أنه ينتمي إلي اتجاهات دينية .. لهذا السبب كان يشارك في جميع أعمال الخير دون أن يذكر اسمه كما حدث في جريدة الضياء فكان ضلعا أساسيا بها لكن اسمه كان لا يكتب .. كما شارك في تأسيس المعهد الأزهري بالقرية ودرس به بالمجان لعدم توافر المعلمين وكنا معه في كل هذا لذلك لا نقول إلا ما شهدنا أخلاقيات الشهيد كان يترك الحلال خوفا من أن يقع في الحرام وفي ذات مرة ذهبنا لشراء كتب لمكتبة للمدرسة وكنت مشرفا عليها وكنا نمشي علي أقدامنا ونفاصل في الأسعار .. وهذا لله .. وربنا يكرمك .. لماذا لكي نوفر للمدرسة .. للدولة .. للمال العام .. وبعد أن انتهينا ذهبنا لنشتري ساندوتش فقلت له مازحا مش المفروض نأكل علي حساب المدرسة فقال : لا لا لا ربنا يغنينا .. ورفض ذلك حتى ولو كان ذلك من حقنا .. فهو مثال للأمانة كلها التي افتقدناها كثيرا كان يحافظ علي شعور الغير ولو كان علي حساب نفسه في ذات مرة كنا ندرس معا لفصل 3/3 في مدرسة أويش الحجر الإعدادية وكان هو رائد هذا الفصل وطلب من الطلاب تقييم المدرسين وماذا كانوا يرجون من المدرسين حتى يمكن تلافيها بعد ذلك وطلب منهم ترشيح أفضل مدرس لتكريمه في هذا الفصل دون أن يكتب أحد اسمه علي الورقة فتم اختياري وقرأت ما كتب الطلاب عني من عبارات الشكر وهذا هو أروع تكريم لي .. ثم قال لي في أدب معنا فلان في الفصل وكان يكبرنا ولو عرف أن الأولاد اختاروك دونه سيشعر بالحرج والضيق وربما يسئ معاملتهم فسوف أستأذن الأولاد لتكريمه هو أمام الفصل وتحمل أنت فوافقت .. ولكني فوجئت في اليوم التالي وفي طابور الصباح بالشهيد الراحل يكرمني وباسم نفس الفصل ويسلمني بروازا يحمل آية قرآنية لا أدري أشتراها علي حسابه أم حساب من حتى الآن ولا زلت أحتفظ بها إلي اليوم وهي معلقة علي حائط بيتي حتى اللحظة دون غيرها من اللوحات .. يرحمك الله أيها العاقل المهذب كان يعرف الفقراء والمعوذين فجعلني أعرف بيوتا إذا رأيتها في ذلك الوقت لأدمعت عيناك وانفطر قلبك حزنا عليهم وفي ذات مرة اقترحت عليه أن نوزع المبلغ مالا فقال بهمسته المعهودة وأدبه الجم خليها لحمة هؤلاء لا يأكلون اللحم أبدا واليوم موسم فأطعت وكان يمد يده من الباب فيعطي الصدقة حتى أن من يأخذ لا يكاد يرانا ثم ننصرف فلا نسمع إلا الدعاء كان يصل رحمه وكان له دورة يزور فيها جزء من أقاربه ثم يكمل الزيارة علي فترات وهكذا .. وكان يزور أصحابه ويشعر الجميع كأن كل واحد منهم هو صديقه الأول وفاته يرحمه الله كان يرحمه الله معي آخر يوم في حياته بالمدرسة وخرجنا لأنه كان يريد قضاء مصلحة وخرجت معه قبل انتهاء اليوم الدراسي بقليل وسألنا المدير مازحا علي فين يا حاج علاء قلت مع الشيخ محمود .. فقال والأستاذ محمود ( رايح فين لسة بدري الميعاد ده بتاع انصراف الحريم ) فقال له اعتبرنا من الحريم فضحك الرجل وضحكنا لأنه كان يعرف التزامنا وفي مساء اليوم نفسه 4/ 2 / 2003م بعد المغرب مباشرة وقع حادث أليم حيث سقطت سيارة باس أجرة في الترعة الموازية للطريق مات فيها ست أشخاص غير المصابين وتواردت الأخبار بأسماء الشهداء وكان منهم الأستاذ أسامة شرارة والأستاذ سمير الشحات رجب عبد العاطي الذي كان يرافق الأستاذ محمود لعزاء زميل لهم في المنصورة .. ولم أكن أعلم بأن المعلم الشهيد معهم ودخلت البيت متألما بما حدث حتى أتانا تليفون ينعي لنا رحيل الأستاذ الجليل رحل وهو في عبادة لأنه كان في الطريق لتقديم واجب العزاء لزميل له ومما رواه لي شهود عيان ممن نجو في الحادث يؤكد ما قلته قال : كان الأستاذ محمود راكبا في خلف السيارة وبقي راكبا ليكتمل العدد .. ولم يلبس أن ظهر الراكب الأخير فجلس علي المقعد الأول خلف السائق الذي مات من كانوا يجلسون فيه .. فلما رآه الأستاذ محمود عيسي قال له تعالي هنا لأن أخت هذا الراكب كانت تجلس في الخلف فاستحي أن يجلس بجوارها وطلب من الراكب هذا أن يجلس بجوار أخته واستبدل المكان فنجا الراكب وأخته ومات الأستاذ محمود .. وقفلت شمس علم ومعلم ورجل وصديق من أعلام قلعة القرآن وغاب قمر من أقمارها إنه الراحل الشهيد معلم الأجيال الأستاذ محمود عيسي فغابت معه كل المعاني .. وشيعت جنازته المهيبة مع زميله الأستاذ الشهيد سمير الشحات وشهرته سامي عبد العاطي وبكيت كما لم أبكي من قبل قيمة من قيم الخير وهامة عالية في صنع الخير والعمل العام .. بكيت الصمت وزادتني وحشة الفراق ألما .. لصديق وفي .. وزميل أبي .. ومعلم وفي .. وصهري الذي كان بيتي بيته وبيته بيتي .. أخذت عزاءه ودموعي لا تكاد تجف .. رحم الله المعلم الشهيد محمود عيسي جاد وأسكنه فسيح جناته وألحقنا به صالحين وإلي لقاء آخر إن شاء الله مع يوميات جديدة لكم مني أجمل تحية بقلم : علاء الدين الجمل يوم الاثنين 27 / 6 / 2011م | |
|